... بعد مدة زمن من التفكير ، التحليل و المقارنة ، استطعت أن آتي بملاحظة ، أو لما لا تكون نتيجة في حد ذاتها ، فلحد الآن ، لازالت تبدو منطقية بالنسبة لي ، ولم تشكل أي تعارض بين أفكاري و أفكار غيري ،...
تغيرت عندي مفاهيم الطيبوبة ، سعة الصدر ، تفهم الغير ، الإحساس به والتعاطف معه ،... لكن لاحظت أن تَغَيُّرَ كل مفهوم رافقه تواجد كلمة " لا " ضمن لائحة العبارات التي يجوز قولها في سياق هذه المفاهيم ، وهذا إن عاد إلى شيء فإنما يعود إلى زمن كنت أرى من قول عبارة " لا " إظهاراً لقبح أخلاقي و قسوتي ، تبياناً لأنانيتي و تكبري ، حتى أني كنت أظن أن ذلك سيجعل الغير ينفرني و يبتعد عني ، ...ربما هذا كلام منطقي ، فأحيانا قول " لا " سيجعل الغير ينفرك و يبتعد عنك ... لكن الغير المنطقي هو سذاجتي ، حينما كنت أتنازل عن مبادئي بدل قول " لا " ، حينما كنت أظهر عكس صورتي بدل قول " لا " ، حينما كنت أضعف بدل قول " لا " ، حينما كنت أستسلم بدل قول " لا " ، حينما كنت أرهق نفسي و لا أقول " لا " ، ... ،
في ذاك الوقت لم أكن لأفسرها هكذا ، و لو كنت سأفعل لقلت " لا " ، و لكنت الآن أكتب عن القوة والصمود و الدفاع عن المبادئ و الأخلاق ، عن عدم التخلي عن النفس و الثقة بها إيجابيا ، عن وضوح الشخصية و حدودها ، لكن ربما حتى جهل هاته الأشياء في ذاك الوقت و إدراكها الآن فيه خير ، و الخير بدا لي في أنني إستطعت تحويل تلك الملاحظة البسيطة إلى نتيجة ، نتيجة تتجلى في أن عبارة " لا " - حسب الموقف بالطبع - ، مصدر قوة ، ووسيلة يرسم بها المرء حدودا لنفسه و للغير ، تجنب المرء من بعض المواقف الصبيانية ، و تنقذ أحيانا من السقوط في التناقض ، تعلو بالمرء و تجعل الغير يحس بمكانته التي من المفترض أن تكون ، أحياناً تخفي نقاط الضعف ، ...
الناس أحيانا لا تعرف من نكون ، لا تعرف ما نفعله و ما لا نفعله ، لا تعرف ما نؤمن به و ما لا نؤمن به ، ... فهنا يكون من الواجب علينا أن نعطي نبذة عن ما نرفضه و هذا ما سيعطي فكرة عن ما نكون ، وهذا ليس دائما من أجل الغير و إنما أيضا احتراما لأنفسنا و تقديرا لها ، ... و كما قلت سابقا أن الصمت ثقافة ، فإن قول " لا " أعتبره جزءاً من هذه الثقافة و بالتالي : سأقول "لا" ما دام ما طرح علي يخالف مبادئي ...
نعم
ردحذف